ونحن نعيش اليوم عالم من التواصل والاتصالات جعلت العالم كقرية صغيرة يتبادل كل شيء ..ويتعلم كل شيء بأبسط التكاليف وبأسهل الطرق ..حريَ بنا ليس أن نواكب هذا التطور بل نسابقه لنتفوق وننجح ونتقدم ..حريّ أن نجد أثر هذا التطور في أركان ثقافتنا ..
قد تتعجب عندما تفتح صحيفة عربية وتبدأ بالقراءة فتقرأالاخبار التي تشدك عناوينها والمقالات التي تجذبك رؤوسها ..وتنتقل هنا وهناك ثم تنتهي وتضعها جانبا ..ستضطر حتماً أن تفكر مالذي خرجت به من نصف ساعة أو ساعة من القراءة لتتيقن أنك أضعت وقتك وأنها ليست إلا إسراف في الورق والحبر وتضييعا للجهد و تحصيل حاصل ...و قد تجد أن مشاهدتك لموجز أهم الأنباء في رأس الساعة ..قد يكون أكثر فائدة ..لقد أصبحت سلطتنا الرابعة ! ..لاتبحث إلا عن من يحشو لها سواءاً بحديث فارغ أو خبر تافه أو مقال هزيل ..لتُعبئ صفحاتها بكل غثاء ..فلا يتابعها سوى من فرغ فكره ..
من فرط جهلي كنت استنكر على أبي أني لم أستقيظ يوما في الصباح وأجده يقرأ جريدة الصباح ..ولقد كان يشترط علينا أن من يدخل جريدة يومية إلى المنزل بأن يخرجها معه ..
كم كنت محقاً ياأبي..
أتظنون ياقراء ان هذا الوباء لم ينتشر وأنه ظل متمكناً من جسد صحافتنا فقط ؟
لقد اصبحنا نعاينه يبوء كل بؤرة تصدّر ثقافة ومعرفة كل مصدر ينشر وعياً..
لقد عاينته من قريب في جانب آخر عندما دعتني صديقة إلى محاضرة يصنف نوعها "تطوير ذات "..يلقيها الدكتور "فلان الفلاني" الذي لم أكن أعرفه ..لكن اسمه دائما مايمر بي ..وكان نشيطا في هذا المجال ..
لقد كان موضوعها شيقاٌ وجذاباً .. ومغرياٌ جدا $كما تُغري النار الفراش$ ..!
تحمست وبذلت أسبابي حتى حان موعدها وكنت في كامل استعدادي ...دفعت رسومها و كان مقرها بعيدا ..لكن الحماس طوى المسافة .. وعندما وصلت أخرجت مذكرتي وقلمي و أخذت كوب من القهوة واتجهت الى أحد المقاعد الامامية المريحة في استعداد تام ...
بعد لحظات تفاجئت عندما نظرت خلفي.. فقد امتلاءت المقاعد وكان الحضور كثيفاً .!.ابتسمت لأني حضرت مبكرة وظناً مني أن الفائدة ستكون عظيمة ..
بدأت المحاضرة ..و بدأ* الدكتور في محاضرته ..وكان يغلب على اسلوبه حسه الفكاهي و لحنه المتكرر ..الذي لم يزعجنا حتى زاد عن المعقول واصبحت المحاضرة الهادفة عبارة عن دقائق من التدوين وساعات من اللغو والحشو الغير هادف! ..استمتع بعض الحضور ممن هدفه يقتصر على الشهادة .. وكان يتحدث اللهجة العامية لا الفصحى ..ويحتج بأن التحدث بالفصحى تكلف وتصنع! .. وبدأت أشك هل أنا حقاً أحضر محاضرة أم "ستاند اب كوميدي"وزاد الطين بلة "وهو ماأزعجني "أنه يتحدث بلهجة وأسلوب لايليق بمكانته ولايليق بلقبٍ يحمله ..لقد اختفت الجدية وطغت جو من الدَعة.. عرفت حينها أن هذا اللقب يعطي واجهة براقةّ لكن لايُعلم ماوراء ستارها حتى يُفتح .. خرجت وأنا أُعزي نفسي في هذا الواقع المُخجل ..وأتأمل في شهادة أحملها بلا حق ..
وأقول لكم :هذا نوع ثانٍ من الشحوات الفارغة ..
وهناك أنواع وأنواع سأحاول ذكرها في حشوات فارغة 2
هند الصبّار.
تعليقات
إرسال تعليق