التخطي إلى المحتوى الرئيسي

ذكرى وفاة ..



في مثل هذا التاريخ 6/5 قبل خمسة اعوام ..
في ليلة جمعة كتبت نقطة النهاية على سطر حياة..
في تلك الليلة
 رحل عن الدنيا أخي عبدالله ذو الخمسة أعوام ..
 ..
ذالك الطفل الذي لو لمحته ..

ستلمح كل معاني الطفولة والبراءة والطهر في بريق عينيه و تقاسيم وجهه ..

كانت تلك صفعة الفقد الاولى في حياتي ...
جاءني قبل الحادثة بساعة يطلبني ملابسه التي جهزها ليمارس بها السباحة  ..أشرت عليه بمكانها وذهب ..
وفي  غفلة وسهو ..كان حبيبي يختنق تحت الماء ..
بعد مدة تفقدنا الاطفال في المسبح ..لنتبادر بالسؤال ..أين عبد الله .. 
بدأ الخوف يظهر ..والقلوب تخفق  والقلق يزاداد ...
كان جواب احد الأطفال ..خانقا ..((وأنا أسبح أحسست بشئ تحت قدميّ!! ربما غرق))..
 سأصف لك شعوري وقتها ..
نزل جوابه الصاعقة على عقلي..لم أستطع تحملها ..بدأت بالإنكار .. 
قمنا بالبحث في الماء فورا ..العيون تترقب ..والهلع هو بريقها ..
أخرج عبداللله أمام عيني بملابسه التي طلبها مني... بجسده الصغير  ..جثثثة هامدة.
لم ألمح بطرفي هذا الموقف حتى سقطت مغشيا علي ..لم اعرف وقتها زمنا ولا مكانا و لا كلاما ولا اسما ..
لم يعد امامي الا السواد ..كرهت الحياة كرهت الناس كرهت نفسي ..
لم اسستطع التصديق لم أعرف شيئا ..أعود الى عقلايتني ..بدأت أفكر  .. حقا لن أراك ياعبدالله ثانية ..حقا لن تحدثني بققصك الجميلة التي تعيدها عليّفي كل مرة ولا أملّها ! ..لن تاخذ دفاتري وترسم عليها وتطلب مني رأيي بها!  لن تحفظ سورة اخرى من سور القرآن وترددها على مسامعنا كل يوم ..؟  لن أراك ثانية ..لن أحضنك مرة اخرى ..لن ولن .. هل يمكن ان تكون الايام القادمة هي عزاااااءك ياعبدالله  ! هل هذا حق ام اني اتخيل ..؟
اتذكر ان الامنية الوحدية التي باتت تروادني وقتها هي ان يكون هذا حلم ! وأن افيييق منه ..
أن أفيق واذهب إللى عبد الله لأشمه وألمه ..واحضنه ..
بات تعجّبي الاكبر كيف ان لاشيء يتغير ..كبف ان القوانين لاتتاثر بحزن احد ولا بفقده ..كيف ان الزمن كما هو والاحوال كما هي ..ولاشيء يتأثر بحزنك ..
وجوه العابرين والمعزين ..لم تشكل فرقا كلها متشابهة..الحياة تبدو كالحة ..
عندما تكون روحك متوشحة بالسواد ..ستبدو كذالك ..
الوقت بطئ ..الألم يثقله والحزن يكبل خطواته..
مر اسبوع واسبوعان ..وأنا على هامش الحياة ..اعيش في ذكراه وأحاول ان استحضر كل مواقفي معه ..فألوم نفسي وقت قسوتي عليه ..وأسعد عندما اتذكر احتضاني له وتشجيعي وكل كلمة طيبة قلتها له .. لااعرف فرحا ولا طربا ولا حبا لحياة بدت في عيني بلا لون ولا طعم  ..
 محاولة القريبين مني  والمحبين التخفيف علي ومحاولتهم ابعادي عن كل مايذكرني به وتحاشيهم لذكره أو ذكر تلك الحادثة  ..أراها سخافة ..
كيف لا تعطي لميتك وقتا للحزن عليه .والتفكير فيه .. واستحضاره ...
إنها اقل حقوقك..!

أحيانا تمر بي لحظات ..أدمن تكرار اسمه..أكرره كأنه معي وأناديه ..
لأتذكر تلك اللحظات ..واتخيلها في الواقع ..
ثم أِشك في عقلي ..هل ضعف !
مر وقت طويل ..
بدأت الحياة تعود لمجراها ..ولا شيء تغير سوى أن عبداالله أخي رحل ..
سوى أني فقدت جزء من سعادتي  ولايتتعوض ..
الغريق شهيد ..وأنت طفل شهيد !
ماأطيب رائحتك ..
جمعنا بك الله في جنات النعيم 


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

فرجينيا وولف و السيدة دالاوي - مراجعة

رغم كل التحفظ الذي ينتابني من قراءة الأدب الأجنبي ورغم كل أسئلتي الملحة : هل نفهمه ؟ هل نستوعبه ؟ وشكي في ذلك . إلا أن تجربة القراءة العميقة تجعلك على يقين من شيء واحد على الأقل : قراءة العمل الأدبي تجربة شخصية لا أكثر نتائجها شخصية ودلائلها شخصية بحتة . عند الحديث عن فرجينيا لايمكن تجاوز براعة  أسلوبها في الوصف , وفي تفرد شخصياتها , السيدة دالاوي واحد من الأدلة على ذلك . ذلك أنها تشدك , ثم تستفزك ليس فقط بواقعية الأحداث التي تبني من خلالها شخصياتها وإنما إن استطعت القول بتفاهة تلك الأحداث وهامشيتها .والإسهاب فيها , جعلها محورية ومركزية على مستويات متفاوتة.مهما وصلت الواقعية في الكتابة إلى مستوى عال من الدقة ومن التطبيق فهي لاتمثل الواقع كما تقول فرجينيا إلا من جهة واحدة , من وجهة الكاتب فقط من الجهة التي تراها عينه . السيدة دالاوي أو كلاريسيا هي محور هذه الرواية وعلاقتها ببيتر هي العقدة -على الأقل هذا مافهمته - .كل الأحداث كانت من زواية ما تعني السيدة دالاوي ,تتناول الرواية يوم واحد في حياة السيدة دالاوي والأبطال الآخرين , يوم واحد فقط امتلأ بكل هذه التفاصيل . تبدأ ...

مراجعة لكتاب (تغير العقل )

(تغير العقل:  يف تترك التقنيات الرقمية بصماتها على أدمغتنا ) كتاب نشرته المؤلفة سوازن غرينفيلد  في عام 2015 وترجمته إلى العربية سلسلة عالم المعرفة. يتمثل الهدف الرئيس من الكتاب كما تذكر غرينفيلد " في استكشاف الطرق المختلفة التي يمكن أن تؤثر بها التقنيات الرقمية ليس فقط في أنماط التفكير والمهارات المعرفية وإنما أيضا في نمط الحياة والثقافة والتطلعات الشخصية . سوازن سمت كتابها " تغير العقل " قياسا على " تغير المناخ " كما ذكرت في مقابلة مع "الغارديان " حيث تظن أن درجة الخطورة  التي تسببها التقنية على عقولنا توازي مايسببه تغير المناخ  على  الطبيعة من تبعات. جاء الكتاب في مايقارب 350 صفحة مقسمة على 20 فصلا تناول موضوعات تدور حول العقل والتكنولوجيا . ربما لتمر على القارئ العديد من المقالات التي تتناول الوجه السيء من التقنية  والآثار السلبية الاجتماعية والتواصلية لها . لكن ما لفتني في هذا الكتاب أنه يتحدث عن عقولنا قبل وبعد التقنية , مالذي تغيره التقنية في طريقة تعلمنا ؟ وفي مناهج تفكيرنا وفي آلية اتخاذ قراراتنا  ؟ أسئلة مهمة تجيب عنها غرينفلد من خ...

تقييم العمل الأدبي

كنت أتساءل  ما الذي جعل يوليسيس أو دون كيخوته أعمالا أدبية ناجحة ؟ و مالذي جعل قصائد شكسبير لا تتقادم ؟ ما الذي يجعل عملا ادبيا ما عملا جيدا أو عملا ردئيا؟. معايير معينة تخضع لها كل الأنواع منها الجدة والابتكار, الطرح الجيد, التماسك, الوحدة الشكلية, الإبداع الفني وغيرها مع أن لمختلف الثقافات معايير متباينة لتقرير ما الأدب الجيد وما الأدب الرديء إلا أننا نكتشف دائما أن الأعمال الرفيعة هي التي اتفق القراء على جودتها بغالبيتهم. ووجود ضوابط معينة  تمثل حد أدنى لاعتبار العمل الأدبي ناجح وعابر لحدود زمانه ومكانه لايعني أن كل جوانب النجاح في العمل تم ضبطها ومعرفتها لأنه في كل مرة يُقرأ فيها العمل الأدبي قد يظهر شيئا جديدا كان سبب بقاء ونجاح العمل.  لكننا قد نجد بشكل عام أن تلك الأعمال التي توصف بالأدب الرفيع أو الجيد والتي تحصل على اتفاق بجودتها  في الغالب هي ما تناولت ملامح التجربة الإنسانية  التي تتصف بالدوام والتي لا تتغير ولا تفنى , تلك الموضوعات العابرة للزمان والحدود الجغرافية, في الفرح والمعاناة والألم والموت والعاطفة, أو التي تناولت أسئلة كبرى منها ال...