التخطي إلى المحتوى الرئيسي

آخر ظهور ..


أصبح من عادتنا اليومية أن نستخدم برامج المحادثة الفورية مثل " الواتس اب" لاشخاص قريبين وبعيدين ولمهام كثيرة ومتنوعة   ...اعتدت  في كل مرة .. عندما اريد محادثة شخص ما .. أن أنظر في اخر دخول له كما يسجله البرنامج لأخمن كم الوقت سيستغرق الرد عليّ.. وهل ستجدي المحادثة في البرنامج أم أن الموضوع أعجل من ذالك ، واذا كان الشخص منذ مدة طويلة لم يظهر تراودني شكوك هل أنه بخير  هل لديه مشكلة او ظرف  !!؟ فأطمئن عليه بطرق اخرى ..في احدى المرات  اردت محادثة صديقة عزيزة  .. وقبل ان اكتب اي شيء .. لفتني اخر ظهور لها .. كان قبل اسبوع  أو أكثر.. ففزعت ثم ذكرت نفسي أن آخر ظهور في " الواتس" لايعني آخر ظهور في "الحياة" .. لكن في كل الاحوال اسرعت للاطمئنان عليها وقد كان سبب انقطاعها عنه أنها أجرت عملية في عينيها  ولاتستطيع بسببها مكابدة المراسلة في الاجهزة الالكترونية .. والحمدلله ، أنا في مقالي هذا لا أريد أن أشرح أو أتساءل عن المكانة التي وصلت اليها هذه التطبيقات في حياتنا ومدى اثرها على طرق تواصلنا .. لأن هذا شيء معلوم ولايحتاج لأن اتطرق له .. لكنني وفي لحظة من اللحظات .. سألت نفسي .  ماذا عن آخر ظهور في حياتنا ؟! ماذا سيكون اخر عهدنا بهذه الحياة ! هل سنخرج خروجا لائقا .. من مجموعة " الحياة" أم  أننا سنحذف منها حذفا غير مرضي  !!  هل سيكون لنهايتنا قيمة ومعنى ! أم أننا سنختم كل شيء بلا نهاية معتبرة ! ربما التساؤل لايجدي نفعا بشيء .. لكن العمل للاجابة على هذه الاسئلة نحتاجه بالفعل .. هل نحن جاهزون ل " آخر ظهور " وهل سنجعله وقتا مناسبا أن يكون هو الأخير ! ولو لم نعلم حينه ولا مكانه ولا كيفيته ! لكنني أظن أن نحاول دائما أن نكون جاهزين .. فجاهزيتنا تعني أن " آخر ظهور لنا" سيكون لائقا جدا و مناسبا جدا ..  ولا تعني قلة جاهزيتنا وغفلتنا عنه .. أنه سيتأخر ..وأن الوقت مازال .. وأن باستطاعتنا كما جعل الواتس اب في تحديثه الاخير " آخر ظهور"  .. بيدك فتختاره .. ولم يعد بمعنى عدم الظهور ولا تأخره .. في النهاية انقل لكم كلاما للرافعي مماأوحى إليه قلمه في شأن الاعداد لهذه الساعه  : إن الذي يعيش مترقبا للنهاية .. يعيش معدا لها واذا كان معدا لها عاش راضيا بها فإن عاش راضيا بها كان عمره في حاضر مستمر كأنه في ساعة واحدة .. يشهد أولها ويحس آخرها .. فلا يستطيع الزمن أن ينغص عليه مادام ينقاد معه وينسجم فيه ، أما الذي يحاول أن يطرد نهايته فهو الشقي التعيس الذي يعطى الحياة فيقلبها بنفسه شيئا كالموت ، او موتا بلا شيء " 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

فرجينيا وولف و السيدة دالاوي - مراجعة

رغم كل التحفظ الذي ينتابني من قراءة الأدب الأجنبي ورغم كل أسئلتي الملحة : هل نفهمه ؟ هل نستوعبه ؟ وشكي في ذلك . إلا أن تجربة القراءة العميقة تجعلك على يقين من شيء واحد على الأقل : قراءة العمل الأدبي تجربة شخصية لا أكثر نتائجها شخصية ودلائلها شخصية بحتة . عند الحديث عن فرجينيا لايمكن تجاوز براعة  أسلوبها في الوصف , وفي تفرد شخصياتها , السيدة دالاوي واحد من الأدلة على ذلك . ذلك أنها تشدك , ثم تستفزك ليس فقط بواقعية الأحداث التي تبني من خلالها شخصياتها وإنما إن استطعت القول بتفاهة تلك الأحداث وهامشيتها .والإسهاب فيها , جعلها محورية ومركزية على مستويات متفاوتة.مهما وصلت الواقعية في الكتابة إلى مستوى عال من الدقة ومن التطبيق فهي لاتمثل الواقع كما تقول فرجينيا إلا من جهة واحدة , من وجهة الكاتب فقط من الجهة التي تراها عينه . السيدة دالاوي أو كلاريسيا هي محور هذه الرواية وعلاقتها ببيتر هي العقدة -على الأقل هذا مافهمته - .كل الأحداث كانت من زواية ما تعني السيدة دالاوي ,تتناول الرواية يوم واحد في حياة السيدة دالاوي والأبطال الآخرين , يوم واحد فقط امتلأ بكل هذه التفاصيل . تبدأ ...

مراجعة لكتاب (تغير العقل )

(تغير العقل:  يف تترك التقنيات الرقمية بصماتها على أدمغتنا ) كتاب نشرته المؤلفة سوازن غرينفيلد  في عام 2015 وترجمته إلى العربية سلسلة عالم المعرفة. يتمثل الهدف الرئيس من الكتاب كما تذكر غرينفيلد " في استكشاف الطرق المختلفة التي يمكن أن تؤثر بها التقنيات الرقمية ليس فقط في أنماط التفكير والمهارات المعرفية وإنما أيضا في نمط الحياة والثقافة والتطلعات الشخصية . سوازن سمت كتابها " تغير العقل " قياسا على " تغير المناخ " كما ذكرت في مقابلة مع "الغارديان " حيث تظن أن درجة الخطورة  التي تسببها التقنية على عقولنا توازي مايسببه تغير المناخ  على  الطبيعة من تبعات. جاء الكتاب في مايقارب 350 صفحة مقسمة على 20 فصلا تناول موضوعات تدور حول العقل والتكنولوجيا . ربما لتمر على القارئ العديد من المقالات التي تتناول الوجه السيء من التقنية  والآثار السلبية الاجتماعية والتواصلية لها . لكن ما لفتني في هذا الكتاب أنه يتحدث عن عقولنا قبل وبعد التقنية , مالذي تغيره التقنية في طريقة تعلمنا ؟ وفي مناهج تفكيرنا وفي آلية اتخاذ قراراتنا  ؟ أسئلة مهمة تجيب عنها غرينفلد من خ...

تقييم العمل الأدبي

كنت أتساءل  ما الذي جعل يوليسيس أو دون كيخوته أعمالا أدبية ناجحة ؟ و مالذي جعل قصائد شكسبير لا تتقادم ؟ ما الذي يجعل عملا ادبيا ما عملا جيدا أو عملا ردئيا؟. معايير معينة تخضع لها كل الأنواع منها الجدة والابتكار, الطرح الجيد, التماسك, الوحدة الشكلية, الإبداع الفني وغيرها مع أن لمختلف الثقافات معايير متباينة لتقرير ما الأدب الجيد وما الأدب الرديء إلا أننا نكتشف دائما أن الأعمال الرفيعة هي التي اتفق القراء على جودتها بغالبيتهم. ووجود ضوابط معينة  تمثل حد أدنى لاعتبار العمل الأدبي ناجح وعابر لحدود زمانه ومكانه لايعني أن كل جوانب النجاح في العمل تم ضبطها ومعرفتها لأنه في كل مرة يُقرأ فيها العمل الأدبي قد يظهر شيئا جديدا كان سبب بقاء ونجاح العمل.  لكننا قد نجد بشكل عام أن تلك الأعمال التي توصف بالأدب الرفيع أو الجيد والتي تحصل على اتفاق بجودتها  في الغالب هي ما تناولت ملامح التجربة الإنسانية  التي تتصف بالدوام والتي لا تتغير ولا تفنى , تلك الموضوعات العابرة للزمان والحدود الجغرافية, في الفرح والمعاناة والألم والموت والعاطفة, أو التي تناولت أسئلة كبرى منها ال...