"ليس لأهل
أدباي إلا الوجع أو الله"

أدباي رواية للكاتب الشيخ نوح، تناولت قضية الرق والعبودية
في موريتانيا. صور لنا الكاتب طبيعة الأحوال الثقافية والاجتماعية لعنصر وطبقة
اجتماعية مسحوقة هناك.. الحراطين الذين كانوا تحت تحت ملكية العرب أو " البيظان"
و الذين حتى عندما حررتهم الظروف مازالوا يعانون من تبعات تلك اللعنة " لعنة
العبودية" ذلك أن التحرر حينما لا يأتي من تطور ما في مجتمع ، ورغبة أصلية
نابعة من وعيه وقراراته فإنها تكون حرية غير متكتملة الأركان، حرية شكلية وغير
قابلة للتطبيق الكامل
أدباي حسب
المؤلف لفظة أتت من اللغة السننوكية الأفريقية وتعني القرية أو المدينة، وهي تعبر
عن تجمع سكاني من "الحراطين" [1]
والحراطين هم أكثرية سوداء اللون عربية اللسان والثقافة، أدباي شكل من أشكال القرى الصغيرة، بات يعبر عن ثيمة
ثقافية واجتماعية يسبغها هذا الوصف على سكانه. لكل أدباي أسرة من أسياد ينسب إليها
هناك أدباي أهل الشيخ فلان وأدباي لشيخ آخر. لم يوجد أدباي مستقل عن عائلة أو مجموعة "بيظانية"
رغم أنهم لايشتركون في مسكن واحد لكن التبعية موجودة.والعيش في المناطق الصحرواية
سيكون على شكلين إما أن يكون " الفريك" أو "أدباي" وبينهما فرق
كبير. " الفريك" هو تجمع من العائلات العربية " البيظانية"
تجمع بينها أواصل القرابة أو المعرفة أو الجوار ولا تكون فيه في مكان واحد مع
" سكان أدباي".
تدور الرواية حول
شاب اسمه " موسى" يولد في أدباي
ويبدأ مشواره التعليمي بمدرستهم الصغيرة في القرية، المكان الذي جمعه مع أولاد من
طبقات أخرى، ساوت المدرسة بينهم وباتوا يجسلون على نفس الكراسي والأماكن. وجد موسى
في المدرسة مالم بجده في أي مكان آخر وبات يشعر أن الخلاص يبدأ من هناك. وأن التعليم سيكون هو منقذه الوحيد وأمله.
يختار الشيخ
ولد نوح ان يكون الرواي هو صديق موسى المخلص
له والذي سيقص الحكاية كاملة. ويختار أن يقدم الرواي بطريقته، حيث يقول الراوي: "وعدته بأن أكتب قصته على وهو يحتسي كوبا
من الشاي الاخضر على الدنديره، فانفتحت شهيته للحكي على طول شريط زمني منذ مايقارب
ثلاثين عاما".
السرد في عمل
كأدباي يحتاج من الرواي موازنة بين التحامل و التوازن بين إعطاء قضية ما حقها وبين
وصف المعاناة بطريقة حذرة تمنع القارئ من
اعتبار العمل مادة للشفقة أو استثارة المشاعر بدون شعوره بأنه طرف فيها. وبرأيي أن
القارئ أي قارئ سيواجه هذه المشكلة وهو يقرأ أدباي .. الأسلوب لا يجذبه بشكل كاف
للإنغماس في القصة و لتمثل أي شخصيةّ! وهذا العيب أثر بالنسبة لي على محاولة الاندماج
مع السرد.. شعرت فعلا أني خارجه، خارج القصة ولست احد شهودها! وجدت العديد من المبالغات و المخارج التي لاتخدم
السياق، التشبيهات المباشرة، التاملات التي لم تكن في محلها، في بعض المواطن سيلاحظ
القارئ ربما مثلي أن القصة تشوبها السطحية والمباشرة بشكل كبير، أظن ان القصة التي
استخدمها ولد نوح لم تكن بذلك العمق الذي تستحقه قضية كقضية " أدباي" خصوصا قصة الحب التي
جمعت وردة بموسى وتطورات هذه العلاقة المملة نوعا ما والتي يبدو جليا أنها تفقد
عنصرا مهما هو العمق والتشويق.
تمنيت لو أستخدم
الكاتب حوارات جيدة تخدم فكرة الرواية كالتي استعملها محمود في حواره مع العمدة
محمد العاقب حول الحرية وحقوق أدباي وتعريف مفاهيم الحراطين والعبودية والتبعية
للقبلية، لكن المؤلف مقل منها ولا تجد سوى الرواي يتحدث بنفسه عن آراءه الشخصية حول الأوضاع المختلفة.
العديد من
القصص والشخصيات الثانوية ساهمت بشكل جيد في بناء الحبكة وفي جذب القارئ بداية من
قصة " عام موت جعباره" سيرة الجد ابريكه" و " قصة الإمام اباه" و" محمود" ثائر
أدباي الذي لا يأبه بأسياده !
"ليس لأهل
أدباي إلا الوجع أو الله أو ابناؤها" هكذا تغيرت الحال في النهاية في نظر
موسى، فبات على عاتق أبناء القرية الصغيرة آمال كبيرة في التغيير والنهوض.
[1] قرأت في أحد
المراجع أن أصل لفظة الحراطين والتي مفردها " حرطاني " هي حر+ طاري"
أي "حر جديد" " محرر حديثا" تبدلت الراء مع الوقت بياء .
تعليقات
إرسال تعليق